في السنوات الأخيرة، أصبح مصطلح "الشخص السام" (Toxic Person) شائعًا بشكل كبير.
"أمي سامّة"،"صديقي سام"،"زوجتي تمتص طاقتي"،وصار الحل المقترح دائمًا: "اقطع العلاقة فورًا!"
لكن لحظة...
هل كل من يؤذينا سامّ؟
وهل كل من يؤلمنا يجب أن نبتعد عنه؟
وماذا لو أن كثيرًا من هؤلاء لا يحملون سمًّا، بل جرحًا لم يجدوا له مكانًا يلتئم؟
ما الفرق بين الشخص "السام" و"المتألم"؟
الشخص السام يتعمد الإيذاء، يتغذى على تحقير الآخرين، ويشعر بالقوة عندما يُضعف من حوله.
أما الشخص المتألم، فقد يؤذيك لأنه لا يعرف كيف يتعامل مع ألمه. هو لا يقصد الضرر، لكنه ينزف من الداخل، وكل ما حوله يتأثر.
مثل شخص يقود وهو مجروح ومُنهك... لا يرى جيدًا، وقد يصدمك، لا لأنه يكرهك، بل لأنه لا يرى الطريق أصلاً.
علاقات تُرهقنا لكنها لا تستحق أن تُقطع
- أم قاسية لكنها نشأت في بيت بلا حنان
- زوجة كثيرة الشكوى لكنها تعاني من قلق داخلي
- صديق سلبي لأنه فقد الأمل في الحياة
المشكلة هنا ليست في قطع العلاقة فورًا، بل في فهم جذور الألم قبل إصدار الأحكام.
لكن… أليس من حقي حماية نفسي؟
بالتأكيد. الحفاظ على نفسك أولوية.
لكن بين "الحماية" و"الهروب"، شعرة.
أحيانًا نحتاج أن نضع حدودًا، لا أن نغلق الأبواب.
قد يكون الحل في:
- تقليل التوقعات
- الحوار الصادق
- إشراك مختص (في العلاقات الزوجية أو الأسرية)
- تخصيص وقت ومساحة لنفسك بعيدًا عن التوتر
لنفكر قليلًا… ماذا لو كنا نحن الطرف المؤذي؟
في بعض اللحظات، كلنا نتصرف بأنانية، أو نغضب بطريقة جارحة، أو نحبط من نحب.
الحياة النفسية ليست أبيض وأسود. لا أحد سام بالكامل، ولا أحد نقي تمامًا.
الوعي هو أن ننتبه عندما نؤذي، وأن نملك شجاعة الاعتذار، وأن نتوقف عن لوم الآخرين فقط.
الخلاصة
ليس كل من يؤلمنا سامًا. بعضهم فقط متألم.
العلاقات ليست دائمًا سهلة، لكن فهم الخلفيات يساعدنا على اتخاذ قرارات أذكى، وأكثر رحمة.
ربما بدل أن تهرب من شخص ما، يكفي أن تضع حدودًا، وتفهم أين ينتهي دورك، وأين يبدأ جرحه.
في النهاية… كلنا نحاول النجاة بطريقتنا.